الاعلام الطازة لجماعة المقاطعة، وربما شقه «الحدسي» بالذات، يروّج هذه الايام للمقاطعة بالطبع، وينهى عن المشاركة او المساهمة في العملية الانتخابية. والاسلوب المتبع لذلك – وعشية صدور قانون الوحدة الوطنية ونبذ الكراهية الذي روّج له متخلفو المقاطعة على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم – يطفح عنصرية وعداء لكل وطني وكل مساواة وعدالة ممكنة بين المواطنين الكويتيين.
عندهم «بوستر» يتم ترويجه بين المدونين والمغرّدين ومدمني الانترنت، يظهر الوطن الكويتي منقسما بالتساوي بين لونين، الازرق على اليمين – بالمناسبة وهذه سقطة دينية ننبههم لها – والبرتقالي على يساره والدعوة الاساسية في الملصق الاعلامي، هي «تبدل» اي انتقل من اليمين الى اليسار، من الازرق الى البرتقالي. هذا الانتقال سيجعله الله كما يزعم الملصق في حسنات الذي بدل لونه او انتقل من اليمين الى اليسار، كما قلت كان المفروض من اجل الانسجام بين الشكل والموضوع ان يكون الازرق على الشمال والبرتقالي على اليمين، والسهم ينتقل من اليسار الى اليمين. يعني على اهل اليسار ان ينتقلوا الى اليمين حتى يأتوا الله وكتابهم في يمينهم، فهذه تنسجم اكثر مع الايمان الديني ومع التفضيل الاجتماعي لليمين الذي ينحدر منه جماعة الاخوان. لكن من قال ان لــ «الاخوان» دينا.. او انهم يفهمون ويحرصون بالفعل على الدين؟!
فهم «الاخوان المسلمين» و«الحدسيين» لدينهم من عدمه لا يعنينا بشكل مباشر هنا، لكن يعنينا هذا التأكيد الذي منحه الاخوة «الاخوان» لعملية التبدل من الازرق الى البرتقالي من انها من «الحسنات». يعني اولا.. اعطوا انفسهم حق منح صكوك الغفران وتصنيف المسلمين او المؤمنين منهم بالذات، اهل شرور واهل احسان. وتحويل عملية تأييدهم او معارضتهم هم وبقية جماعة التخلف على انها قضية دينية محسوم امرها لمصلحة الفئة الناجية او المهتدية، وعلى الزرق، تبديل لونهم والا فانهم سيحرمون من حسنات الصبغة البرتقالية – البرتقالي هي صبغة اهل النار بالمناسبة، كل «شفغلهم» غلط في غلط، ويبتلون بسيئات لكونهم زرقا.
ايضا ليست لدينا مشكلة عويصة هنا، ولسنا مهتمين بنرجسية الاخوان وتدينهم المزعوم. لكن نحن في مجتمع مدني، للتو ساهم الاخوة الاخوان مع بقية المتخلفين في دفع حكومتنا الى اصدار قانون «قراقوشي» لحماية الوحدة الوطنية. فلماذا اذن تقسمون المواطنين دينيا الى اصحاب حسنات واصحاب سيئات في خيار سياسي بحت، ليس له اصلا علاقة بالدين والتدين؟ ولماذا اصلا يكون من اتبع دينه او بالاحرى دين الاخوان هو الفائز دنيا وآخرة؟!!
***
الاعلام الطازة نفسه، يعيد الحركة الاجرامية ذاتها التي استخدمها مع النائبة السابقة اسيل العوضي، وهذه المرة مع علي الراشد. يروجون مقطعا مقطوعا من مقابلة يدعون ان علي الراشد ارتكب فيها جريمة تشبيه جماعتهم، بقوم لوط!!.
انا اقول للاعلام الطازة: الله يحلل قوم لوط عنكم، ومع اني لم أشاهد المقابلة كاملة، لكن بناء على المقطع المعروض فان علي الراشد لم يكن يتكلم عن جريمة قوم لوط على الاطلاق. بل كان يتكلم عن «رفضهم» طلب لوط عقد هدنة معه حتى يرحل ضيوفه، وهو الموقف ذاته، الذي حدث اثناء انعقاد المؤتمر الآسيوي، حيث ارسل حضرة صاحب السمو مستشاريه، متمنيا على جماعة المقاطعة وقف التظاهرات والاعتصامات الى ما بعد المؤتمر. الجماعة لم يكتفوا بالرفض، بل صعدوا في اليوم الثاني. علي الراشد شبه «الرفض» وليس الفعل الاجرامي نفسه. وهذا واضح، كما قلت، حتى لمن يستمع للمقطع كاملا فهو كان يتحدث عن واقعة الرفض وطلب لوط من قومه عدم احراجه مع ضيوفه، لكن قوم المقاطعة رفضوا وصعدوا عمدا في اليوم التالي إمعانا في التمرد والإحراج.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق